ليس هناك شيئ لا يقبل ولا يمكن أن يطاق أكثر من عدم تقبل و إطاقة الأخرين.

قلسفتي في الحياة "أنا أهتم لذا أنا موجود". بالرغم من كل الآلآم التي تسببت لي بها وتعريضي للأيذاء أنا أؤمن أن يوما ما ستكون ركيزة سعادتي بل أساس وجودي في الحياة.

أهلا وسهلا

مرحبا يسعدني تواجدكم هنا أمل أن تنال المدونة أستحسانكم وإعجابكم وأرجو أن لا تحرمونا أرائكم وملاحظاتكم القيمة فلها كل إحترامي وتقديري وتأكدوا أن صداها في نصب عيني فلا تترددوا في الكتابة ولكم جزيل الشكر.

السبت، 27 أغسطس 2011

حلم يراودني

يراودني في هذه الأيام حلم. حلم أن ينال مرضانا من مرضى أمراض الدم الوراثية حقوقهم الطبية دونما سؤال أو تسويف أو منة من أحد أو حتى قذف أو وصم بالإدمان. أصبح في بلادنا يخشى هذا المريض فوق مرضه أن يقول أنه مريض. طالما تسائلت ما سبب عدم وجود جمعية تضم تحت كنفها كل هؤلاء المرضى أسوة بغيرهم من المعاقين والمرضى هل هناك مانع من ذلك. أليس هؤلاء أبنائنا و أولادنا و أخوتنا وأصدقائنا و أصحابنا أوليس هؤلاء نحن.

نتيجة بيئاتنا المتعددة المنبسطة على كامل مساحة جزيرتنا العربية الواسعة كالبيئة الصحراوية وشبه المدارية إلى الجبلية والسهلية تمكن مختلف الأوبئة و عواملها من غزونا والنخر في عظامنا حد الهلاك حتى امتد تأثيرها مع مرور الأجيال إلى بصماتنا الوراثية. وسيد هذه الأوبئة وباء الملاريا؛ الذي تسبب بثلاثة أمراض وراثية رئيسية تمس الدم و تضعفه مقابل جعله محصنا من الملاريا. أمراض الدم الوراثية الثلاثة هي فقر الدم المنجلي، انيميا البحر المتوسط (الثلاسيميا) و انيما الفول (نقص خميرة الجي سكس بي دي). كلمة انيميا هي مفردة ذات أصل لاتيني تعني "فقر الدم" أي أن جميع هذه الأمراض الثلاثة تشترك في صفة أو نتيجة رئيسية مشتركه هي نقص الدم دون المستوى الطبيعي له.

الانيميا المنجلية أو فقر الدم المنجلي هو بالإضافة لفقر الدم، تحور كريات الدم إلى شكل يشبه المنجل أو الهلال ومن هنا كانت التسمية. هذا التغير في الشكل يقضي على مرونة كريات الدم وبذلك يؤدي هذا المرض لعرقلة وصول الدم للأعضاء الحيوية إلى حد قد ينتج منه موت الخلايا والأنسجة. المرضى قد يقضون حتفهم بسبب التجلطات الدموية أوالسكتة الدماغية أوالذبحة الصدرية. ينتشر هذا المرض في شرق الجزيرة العربية وجنوب غربها وغيره، فثلاثين بالمائة من السعودين حامل لخصلة (جين) من هذا المرض أي أنهم ليسوا بالضرورة يعانون من مضاعفات المرض ولكنهم مورثوه لأبنائهم. الشخص يحتاج للخصلتين كي يكون مصابا ومعرضا لمضاعفات المرض وهذا ينطبق على حالة ما لا يقل عن أربعة بالمائة من سكان المملكة. كما يجب الأشارة إلى أن البحرين وحدها قد فقدت أكثر من ثلاثين شخص نتيجة هذا المرض في العام الماضي.

أما الثلاسميا فهي متمركزة في عمان والإمارات بجانب كثير من دول حوض المتوسط. فواحد من كل اثني عشر إماراتي حامل لخصلة من الجين المعطوب المسبب للمرض. هؤلاء المرضى بحاجة لجلسات نقل دم بشكل دوري (جلسة كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع) لتعويض عدم قدرة جسمهم وقصوره عن تصنيع كمية الدم الكافية للقيام بالوظائف العضوية الضرورية. أكثر من نصف الدماء المنقولة للمرضى بالإمارات تكون من نصيب هؤلاء المغلوب على أمرهم كما أن أي تساهل في التخلص من الحديد المتكسد نتيجة نقل الدم الدوري قد يفتك بحياة المريض.

أما نقص خميرة الجي سكس بي دي أو اختصارا أنيميا الفول فهي أكثر نقص خميرة انتشارا حول العالم بأجمعه. المصاب بهذا النقص يكون عرضة لتكسر حاد في كريات الدم نتيجة التعرض لعوامل مؤكسدة كالبقوليات والأدوية المضادة للملاريا ومواد كيميائية أخرى. الجزيرة العربية تحمل أعلى معدلات الاصابة بهذا المرض بجانب افريقيا وساحل المتوسط. التبعات الحتمية للتعرض لعوامل الأكسدة هي هبوط حاد في مستوى الدم قد يؤدي للهلاك أن لم يتم تدارك المريض وتعويضه بوحدات من الدم في أسرع وقت.

مراكز البحوث والإحصاءات تؤكد أن هؤلاء المرضى يتراوح عددهم بين المليون والنصف إلى مليونين و نصف أو أكثر في دول الجزيرة العربية دون حاملي خصلة هذه الأمراض. حلمي يكمن في مساواة هؤلاء بغيرهم من المكفوفين والمعاقين حلمي يتجاوز توفير علاجهم ويتعداه إلى عدم التقصير في جعلهم مواطنين أكفاء منتجين لا يختلفون عن غيرهم. حلمي قبل أن أموت يحتم أن نقضي على النظرة الدونية لهم وأن نلغي ظنوننا السيئة بهم وأن الا يُتهموا بالادمان والعبودية للنشوات، أن ينالوا حقهم في العلاج دون منة من أحد ودون أن يُقتص من كرامتهم شيئا دونما تسويف أو تأخير. حلمي أن يعامل حتى المسيئون منهم بما يتناسب مع أحتياجاتهم العلاجية فحاجتهم للدواء السم ما كانت لتكون لولا شدة مرضهم ونوباته. حلمي يتعدى ذلك حتى القضاء على المرض في الأجيال القادمة، ولا يستثني إلغاء فرصة موت إي أحد من المرضى. هؤلاء ليسوا فقط أبائنا وأبنائنا وأهلنا هؤلاء جزء منا لا يتجزء بل هم نحن أنفسنا وما كنا وسنكون، حلمي هو "جمعية وطنية لأمراض الدم الوراثية" نشطة وفعالة في كل حد من بلادنا جمعيات ذات حدود وآمال لا نهاية لها.

السبت، 20 أغسطس 2011

البنوك الإسلامية

أسرد هنا تجربتي الشخصية أو مغامرتي أن صح التعبير عنها مع أحد البنوك الإسلامية في خليجينا العربي. بعد أن أنتقلت للدراسة من الغرب إلى إحدى الدول الخليجية واستقراري فيها وقبل الشروع في إرساء مقومات الحياتية في الوطن الجديد والتي طبعا من أهمها إنشاء حساب شخصي أستعين به على قضاء إحتياجاتي. أقترحت علي الجهة المسؤؤلة عني وأشارت علي ببنك إسلامي يعد من أوائل البنوك الإسلامية وأحد معالم الصيرفة الإسلامية على المستوى العالمي. أعترف أن هذه التجربة لو حدثت لشخص غيري و سمعت عنها أو قرأت عنها لرتبت بمصداقيتها. لكن بعد أن أكتويت بنار هذا البنك الإسلامي لا أخفي شكوكي بل حتى أمتعاضي لكل ما يحمل صفة "إسلامي" خصوصا أن كان من أجل التربح. في بداية الأمر أعتقدت أن هوية البنك وصفته ليست بالشيئ ذات الأهمية الكبيرة وأنها أسمية أكثر منها فعلية وأن لم ينفعني كون البنك إسلاميا فإنه لن يضرني فكل ما أحتاجه بداية هو حساب شخصي تصلني من خلاله مستحقاتي المالية وأسحب منه لقضاء أموري.

البداية كانت قبل الازمة المالية العالمية حيث كان الوضع الإقتصادي الخليجي في أزدهار وتطور. حينها لما يكن يُقتطع أي مبلغ من رصيد حسابي الشخصي. مع عصف الأزمة الإقتصادية بأسواق المال والهبوط الحاد للبورصات إبتدأ البنك في إقتطاع ما يعادل أكثر من ستة دولارات شهريا كرسوم مستحدثة على حساب التوفير أن قل الرصيد عن حد معين. وفجأة أصبح لكل خدمة مصرفية رسومها مهما صغرت بل حتى رقم الخدمة الهاتفية تحول من مجاني إلى محلي.

لم أكن أنا فقط المتأثر والمتضرر من هذه المعاملات المجحفة؛ فهناك أكثر من ألف طالب يعاني ما أعانيه. وحيث أن مكفائتنا لا تكاد تكفين أرتفع صوتنا معاتبا الجهة المسؤؤلة عنا والتي أقترحت بل طالبت بتعاملنا مع هذا البنك الإسلامي المشؤؤم بالتحديد. فوجد المسؤؤلون أنفسهم في مأزق فقاموا بخطوة شكلية لطمئنتنا واستدعوا المدير التنفيذي للبنك وخيروه, أن صدقوا, بأن يُستثنى طلابهم من الرسوم الشهرية المستحدثة وأن يُعاد ما أقتطع من حسابات الطلاب في الأشهر الماضية أو أن ينهي البنك تعاملاته مع الجهة المسؤؤلة عن الطلاب ويغلق حسابها ذو الملايين العدة. وصلنا خبر يبشر بخير وأن أدارة البنك تفهمة مطالبنا ووافقة على إعادة ما أقتطعه من الطلاب منذ أواخر 2008. ومع الأيام أكتشفنا كذب البنك وتستر وتساهل مسؤؤلينا ولم نسترجع أمولانا وأن كان البنك قد أستوقف إقتطاع الرسوم التي إستحدثها من بعض الطلاب الذين أصبح تعدادهم أكثر من الف وخمس مئة.

بعد أكثر من ثلاث سنين من التاريخ الأبيض لي مع هذا المصرف الإسلامي الذي يدعي كونه أول بنك إسلامي على وجه الأرض كانت لي معه الحادثة التي كانت بالنسبة لي القشة التي قصمت ظهر البعير. إحتجت إلى شيكات لكي أستطيع بها أستئجار مقر لأسكن به ريثما أنهي ما تبقى من رحلتي الدراسية. تقدمت بطلب للبنك وأشرت إلى أني ذو تاريخ طويل مع البنك وأن لي مبلغا شهريا يصلني كمكافأة وأني مقيم في البلد مما يجعلني مستحقا لما أطلب. بل أني ايضا أرفقت بالطلب شهادة تثبت إعاقتي البدنية في محاولة يائسة لنيل ما هو حقي. طبعا أُحيل طلبي للدراسة ولم أسمع منهم خبرا حتى هذا اليوم فما كان مني ألا أن أبحث عن بديل يقدر أحتياجات ويعاملني بكرامة تناسب العملاء دون أن يبخس حقي ويخبىء لي خلف كل خدمة رسوم مبالغ فيها.

عدت أدراجي إلى البنوك التجارية التي لم أندم على تعاملي معها يوما ولا أستسخر فيها رسوم خدماتها التي تقدم لي باحترام ومصداقية دون تحايل أو الأختباء خلف أسم ظاهره الصلاح وباطنه الفساد بل كثيرا ما فجأني البنك التجاري بعرض خدمات لم أمكن أتخيلها كثير منها دونما حتى مقابل.

الخميس، 11 أغسطس 2011

دين عصرنا

منذ بداية الحياة والبشرية بعدها نتيجة صدف تطورية كانت أو تصميما ذكيا أبتكر والانسان لم ينكفء متسألا إلى يومنا هذا لماذا كنا وما غاية كينونتنا؟ هل كنا قبل هذا وهل سنكون بعد ذلك كيف ولماذا؟ هذه التسأولات تمخضت حضارات وأمم كما أنها قضت عليها بعد ذلك وتعددت أجوبة التاريخ بعصوره حتى غدت أكثر ما أختلف فيه. قيل أن الدين فطرة يولد عليها كل انسان هل هذه هي الأجابة الشافية أم أنها مجرد أداة لآستغلال حاجة العقل لأجوبة لتلك التسأولات الدفينة. ما يدعو للتعجب حقا هو أن الأديان التي من المفترض أن تكون أداة لتحرير الأنسان كما يدعى غدت شيأ فشيأ أداة لأستعباده وتطبيقا ملائما لكل أشكال البيروقراطية في حياته اليومية.

مع دخول الانسانية عهد التكنوقراطية في الغرب والأنفجار السكاني في الشرق يتجلى لنا بكل وضوح أن الشرق لم ينفعه تدينه وتحفظه بل أن كل أيديولجياته قد هوت إلى القاع و صار محكوما بعد أن كان حاكما وغدى شبانه الذين يتفجرون من صلبه يفضلون هجره والاشتراك في النهضة الغربية على البقاء فيه وإعادة إعماره. بخلاف الغرب الذي تخلى عن الأديان وتخبطاتها فتحول من محكوم إلى حاكم بل وغزى أحفاد ملوك أجداده و صيرهم عبيده. قد يكون دخلنا عهد إحتضار بعض الأديولجيات الغربية كل الرأسمالية والفاشية ولكنها أثبتت أنها أكثرفعالية بل أقدر وأنسب حياتيا للحكم كما أنها بخلاف الأيدولجيات الشرقية كل الماركسية والصهيونية وولاية الفقيه لا تنبذ الأصلاح والتجديد بل ترحب به. روحانية الشرق أعطته بريقه ولكن زيادتها عن المعقول جعلته خاويا بالي. ومادية الغرب أعطته فعاليته ولكن زيادتها عن المعقول التي تمثلت بالتكنوقراطية جعلته ظلاما دامسا دون أمل.

معظم الدساتير الديمقراطية المعاصرة أن لم يكن جميعها تتضمن وتأكد على أن الإنسان هو الغاية إذا من حقنا أن نطالب بأن يكون غاية الدين هو الإنسان لا أن يكون الدين غاية الإنسان كما نرى من حولنا. أن كان فطريا محتم علينا البحث عن الحقيقة يجب أن لا نلام أن تشابهة علينا بسبب تعقيداتها ومرارتها؛ أليس من المفترض أن تكون الحقيقة سلسة وجذابة لتسترشد بها الإنسانية جمعا. أن الباحث عن الحقيقة والظافر بها بعد خوض مستنقعات المتشابهات والشكوك أسمى وأشد تشبذا بهذه الحقيقة من ذاك الذي لم يعي ويعرف شيئا غيرها بل كيف تكون حقيقة وليست مجرد روتين ملزم به إن لم يكن هناك خيارات أخرى. لا ينال المتسأل والمفكر غير الشتم والإزدراء والتهكم ثم العزل والتجريد من الحقوق إلى أن يتم تصفيته رغم أن غايته ليست إلا أنه لا يريد أن يكون شيئا ما ليس لمجرد أنه وجد أبائه على
هذا الشيئ.

أن دين عصرنا مخيف وغريب ولا نلام أن عدنا إلى الوراء خطوة بل خطوات لنفهمه بشكل أفضل ونرى كيف أنقلب السحر على الساحر وغدا خطرا مؤرقا للإنسانية ومبعث قلق لها بعد ما كان وجد لخدمتها وعزها والإرتقى بها. وأن كان الدين حق كما يزعم كيف صار لتاركيه ونابذيه المجد والسؤدد وتحول أصحابه وتابعيه إلى خاسرين مستعبدين. أن من حقنا التعجب بل الهلع فلقد خسرنا وما زلنا نخسر الكثير ولا نريد البقاء على ذلك مما يقتضي و يستلزم دراسة مستفيضة وتأمل ليعود الإنسان غاية الأديان وسيدها.

الأحد، 31 يوليو 2011

المواطنة بين سندان القبيلة ومطرقة الدين

للأسف تعاني مجتمعاتنا العربية والخليجية بالخصوص من أجحاف وفهم قاصر لمعنى المواطنة، كيف لا وهي محصورة في مساحة صغيرة من أولوياتنا وأهتماماتنا فلم يكن لها شيء من فخر القبيلة ولا قدسية الدين. فأبنائنا في البيوت والمجالس يجرعون القبلية والأفتخار بها حتى حد العنصرية وفي المساجد والمدارس يعبئون دينيا حتى حد التطرف فضاعت المواطنة بين سندان هذه و مطرقة تلك، ولم يبقى لها ألا زوايا ضيقة تخرج منها رأسها، وملؤها الحرج، في أيام معدودة على اليد الواحدة من سنتنا ذات الثلاث مائة وخمسة وستين يوما.

أن عدم وضوح معنى وأسس المواطنة لدينا أدى إلى أفساد كل ماهو حميد وطيب في مجتمعنا. فلو وعينا وطنيتنا وأعطيناها حقها غير منقوص لما برز بيننا عراك وحقد لتلك القبيلة أوغيرها ولعرفنا أن القبلية خارج خيمة وظل الوطن ليست إلا دعوة لجاهليتنا الأولى التي عدنا أليها بعدما أستنقذنا الأسلام منها. ولو كان للمواطنة نصف نصيب الدين من مناهجنا التعليمية لما خرجت منا فئة ضالة متلبسة باسم الدين تكفر من هب ودب ممن تجرئ على عدم الموافقة معه كما لا تنكفئ تتوعدنا بالويل وترهبنا و تروعنا وتدعونا للخروج على حكومتنا وقذف البلاد والوطن في غياهب نفق مظلم لا نهاية له.

أنحصر وعينا بالمواطنة في أفق ضيق فلم نعد نتذكر أننا سعوديون إلا حينما ننظر إلى أوراقنا ووثائقنا الرسمية أو فقط عند الحاجة لتيسير حياتنا والمساعدة على النهوض بأعبائها. جمعينا نتذكر حقوقنا على الوطن، في مناسبة أو غير مناسبة، ولكننا ننسى أو نتناسى حقوق الوطن علينا. وليس هناك خير برهان على ذلك من تسيبنا واستحقارنا لقواعد وقوانين المرور، فنحن دائما نضع اللوم في الحوادث المرورية وما يهدر فيها من أروح على عاتق الطرق والخدمات السيئة المتوفرة فيها، وأن كان هذا غير خاطئ لحد ما، إلا أننا أبدا لا نفكر بمراجعة أسلوب قيادتنا وتطويره لعدم وعينا بهذا الحس الفطري الأنساني. أن أحد أهم اسباب الحوادث في العالم وهو المشروبات الكحولية وتأثيرها مغيبان عندنا إلا أن ذلك لم يمنعنا من تبوء مرتبة من أعلى نسب الحوادث وضحايها بين الدول وأحد أهم العوامل المؤدية لذلك هو خلونا من هذا الحس الوطني الكافي لتجنب هذه الكوارث الوطنية.

ومما يؤكد على قصور فهمنا للمواطنة أيضا أختصارنا أياها في صور أوأعلام أوشعارات نرفعها على السيارات أو عند مداخل الموؤسسات الحكومية والعامة دون الألتزام بالأخلاق الوطنية العالية التي تدعونا أليه من التسامح وحسن الظن ومساعدة الغير وغير ذلك من بذل الغالي والنفيس في خدمة الوطن والأرتقاء به. أين الوطنية في وصولنا العمل متأخرين وأنسحابنا منه أسرع ما أمكننا، أو قضى وقت العمل في أي شئ غير العمل من تصفح أنترنت أو صحف أو تناول الشاي ونحن نتحدث في ما يعنينا وما لايعنينا. أين وطنيتنا في تجريمنا وتشكيكنا لولاء كل من أختلف معنا، لا لشيء ألا كونه لم يوافقنا، وسعينا الدائم لشق وحدة صفنا ودفعنا للأخوة نحو البغضاء والتناحر في مابينهم مسببين بذلك تسيبا أمنيا على جميع الأصعدة.

أن المواطنة ليست تشريفا فقط بل أيضا تكليفا لا يقل أهمية عن القبيلة والدين بل أنها ترتب و تقيم أعوجاجهما، أن حدث ذلك، فهي تؤكد على وحدة النسيج الوطني بما فيه من قبائل وأعراق ومذاهب وأديان مختلفة وتدعو إلى كل ما فيه صلاح ومنفعة للجميع وبدون الوطنية وأسسها الأنسانية لا يكمل أيماننا فقد روي في الأثر "حب الوطن من الأيمان" وأخيرا وليس أخرا نؤكد أنه من السخف الأفتخار بالأوطان فنحن نولد فيها دون أختيارنا ولكن أفتخارنا بالولاء لهذه الاوطان، ويكون بأختيارنا، هو أساس الوطنية وبذرة الأنسانية.

أبريل 2010

الأحد، 24 يوليو 2011

محنة أم منحة!

تحدث العلم كثيرا عن الصورة التى يراها الأنسان وأنها لا شئ سوى إنعكاس لما بداخله. هذه الفرضية أو النظرية تلقت الكثير من التأييد كما اصطدمت بكم ليس بقليل من الأعتراض؛ أستنجد المعارضون بالمادة ونظريتها وأعتقدوا بوجود المادة (الصورة في مثالنا) بمعزل عن الناظر فلو عدم المستقبل (الناظر) أو لم يوجد لما تغيرت الشجرة بأغصانها وأوراقها مثلا، أي أن الصورة هي كما هي حتى لو انتفى الناظر. فيما لجأ المؤيدون إلى النفس بعلمها وأمنوا بأن المادة ليست بمعزل عن المستقبل بل أن كينونتها قائمة بوجود الناظر ونظرته فلو كان هذا الناظرمبتلى بعمى الألوان لمارى الشجرة بألونها المعهوده أي أن المادة تأثرت بالمستقبل الناظر.

كل هذا تذكرته حينما حضرت حفل نادي الثقة للمعوقين بالشارقة في يومه الثالث والأخير في أخر يوم أحد قبل أجازة العيدين الأضحى والإتحاد. نظرت من حولي فرأيت جميع أنواع الإعاقات أو اللاحسنات تحيط بي من كل جانب، سمعية ، بصرية، حركية، ذهنية وغيرها مما لم أعي أو أتمعن فيه. معاقون ولكن جمعهم شيئ واحد أو بالأحرى أختاروا الأجتماع على ابتسامة واحدة فكيف كان ذلك. أنا واحد منهم ولكني أميرهم حيث أن إعاقتي لا ترقى إلى مستوى إعاقاتهم فمرضي الوراثي تسبب لي بحياة عصيبة أخرها كان تأكل عظام الحوضين فكنت خلال الخمس سنين الأخيرة أفقد حركة تلوى الأخرى ولكن بخلاف إعاقتهم المستديمة كان لي خيار إجراى عمليتين لزراعة حوضين اصطناعيين. خلال تلك الفترة أسودت الدنيا في وجهي فتحولت من ذلك الفتى السعيد والمتفأل إلى ذلك الجسد الهزيل الخالي من الروح المتشائم والناقم على كل ما حوله من عاقل وحتى جامد. لم يفلح العلاج معي بل كل ما فعله كان يمكن اختصاره في تخفيف تسارع تدهور حالتي، هذا التسارع الذي يمكن أن يعاز إلى تغير نفسيتي وحالتها. على الرغم من كل ذلك وسوئه لايمكن مقارتنه مع مالذا زملائي في النادي. فهذه الشاعرة لم تمنعها ساقاها الباليتين من تذوق الشعر بل وكتابته أيضا مرفقا بأبتسامة صادقة. وذلك المضطرب لم تمنعه علته عن ركوب المسرح وشكر القائمين على الحفل.

على الرغم من بساطة الحفل إلا إني تعلمت منه الكثير بل أني لم أستطع الخلود إلى النوم بسهولة لشكي ولأول مرة في صبري وقدرتي على التحمل أبان حقبة آلامي. تذكرت كلمة والدي العزيز ونصحيته في أن المحنة هي منحة كل ما عليك فعله هو النظر إليها بشكل مختلف متسم بالإصرار والرغبة بالحياة بحلوها ومرها؛ الآمر ليس أكثر من تغير ترتيب حرفين لتصبح المحنة منحة تستحق الشكر ومدعاة للتميز والابداع. فبذلك إنتهيت إلى قناعة شخصية كان متبلورة في فكري قبل أن أضيعها وأنساها أبان مرضي، نحن ذو الأحتياجات الخاصة ليس محتم علينا أن نكون معاوقين بل أنه أختيارنا بالمقام الأول والأخير، نعم نحن مختلفون ولكن نحن متميزون بل مبدعون أذا أردنا ذلك حقا، فنحن نخلق من المحنة منحة ومن الأعاقة أفاقة تجعلنا أقدر على موجهة التحديات والمصاعب من أخواننا الأصحاء. فنعم المادة من دون شك ليست بمعزل عن المستقبل وكينونته بل أنها قائمة بقيامه وأن كان تأثرها لا يمكن أن يرئ إلا من منظور هذا المستقبل دون غيره كل ما علينا هو التمعن لنعي ذلك.

ديسمبر 2009م

السبت، 23 يوليو 2011

من أنا من أنت؟؟!

من أنا سؤال ما ينفك يراودني بين فينة واخرى خصوصا بعد دخولي معترك الحياة الاكاديمية. ظننت لفترة غير قصيرة أن تعريف هويتي الشخصية والفردية سيكون القاعدة الاسمنتية التي ستبني الحياة لبناتها عليها. لكن أدركت مؤخرا أن هذه الهوية وأساس بناء حياتي لن يكون بمعزل عن التطوير والصيانة والتشذيب. كل يوم من حياتنا يمس شخصيتنا وهويتنا بشكل أو أخر وتضيف إليها ,والبيئة والظروف التي هي جزء من كل يوم لا تنكفئ تتغير و تتبدل مما يحتم علينا مراجعة أنفسنا واختيارتنا والمكون الأساسي لأدق تفاصيل حياتنا اليومية.

البقاء للأقدر على التكيف ليست مجرد المبدأ الداروني الثاني لتفسير أصل الأنواع وسبب تنوع الحياة, بل هي حقيقة قائمة تمس كل جانب من حياتنا بمافيها هوياتنا وكينوناتنا. هويتنا الفكرية ومواقفنا السياسية ليست بمنأ عن سنة الحياة هذه. ما يعتبر تطرفا في داهاليز اليوم كالعبودية كان وسطيا في عصور مضت والعكس صحيح بالنسبة لاحتكار الحق بالتصويت على الرجال مثلا. ليس الزمن هو المؤثر الوحيد على توجهاتنا وفكرنا فالمكان والبيئة التي من حولنا أيضا لها دور فالقصاص والحدود لطالما شكلت هاجسا لأديلوجيات وحكومات البلاد الأجنبية باعتبارها نوع من التطرف, وبالمقابل حرية الميول الجنسية تعتبر تطرفا انحلاليا في أوطاننا.

على الرغم من النسبية هذه إلا أنه لا غنى عن ركائز ثابة تكون منطلق هويتنا وأفكارنا. الانسانية هي أحد أهم مكونات وأسس هويتنا مهما بلغت أختلافتنا وتضاداتنا تبق إنسانيتنا جامعة لنا في أي زمان ومكان. والمفارقة العجيبة أنه حتى حقنا في الاختلاف يعد أحد المسلمات والمبادئ التي لايمكن للعقل والمنطق أن يساوم عليها. إذا كل من التكيف والتغيير والثوابت والركائز كلها مكملة لبعضها البعض والغصن الذي لا يميل للنسيم العليل تقتلعه العواصف العاتية.

هوياتنا بانواعها ترتكز على ثوابت ومبأدئ لا تمس نشئنا وتم تربيتنا عليها وتجارب حياتنا بحلوها ومرها تصقل هذا الهويات و تشذبها. تتأثر بالمكان والزمان وهي تحت النمو والأصلاح حتى اخر نبضة قلب ونفس في حياتنا. كل يوم هو تجربة وإضافة جديدة لمن نحن, تطورنا ووتجعلنا ليس فقط أشخاص أفضل ,أن أخترنا أن نتعلم من هذه التجارب الحياتية, بل تحولنا إلى أناس أقدر على الحياة تواقين لها وأكثر نضوجا لذا علينا أن نجعل كل لحظة تعد وهكذا تربط الحكمة بطول السن.

22 يوليو 2011م