ليس هناك شيئ لا يقبل ولا يمكن أن يطاق أكثر من عدم تقبل و إطاقة الأخرين.

قلسفتي في الحياة "أنا أهتم لذا أنا موجود". بالرغم من كل الآلآم التي تسببت لي بها وتعريضي للأيذاء أنا أؤمن أن يوما ما ستكون ركيزة سعادتي بل أساس وجودي في الحياة.

أهلا وسهلا

مرحبا يسعدني تواجدكم هنا أمل أن تنال المدونة أستحسانكم وإعجابكم وأرجو أن لا تحرمونا أرائكم وملاحظاتكم القيمة فلها كل إحترامي وتقديري وتأكدوا أن صداها في نصب عيني فلا تترددوا في الكتابة ولكم جزيل الشكر.

السبت، 27 أغسطس 2011

حلم يراودني

يراودني في هذه الأيام حلم. حلم أن ينال مرضانا من مرضى أمراض الدم الوراثية حقوقهم الطبية دونما سؤال أو تسويف أو منة من أحد أو حتى قذف أو وصم بالإدمان. أصبح في بلادنا يخشى هذا المريض فوق مرضه أن يقول أنه مريض. طالما تسائلت ما سبب عدم وجود جمعية تضم تحت كنفها كل هؤلاء المرضى أسوة بغيرهم من المعاقين والمرضى هل هناك مانع من ذلك. أليس هؤلاء أبنائنا و أولادنا و أخوتنا وأصدقائنا و أصحابنا أوليس هؤلاء نحن.

نتيجة بيئاتنا المتعددة المنبسطة على كامل مساحة جزيرتنا العربية الواسعة كالبيئة الصحراوية وشبه المدارية إلى الجبلية والسهلية تمكن مختلف الأوبئة و عواملها من غزونا والنخر في عظامنا حد الهلاك حتى امتد تأثيرها مع مرور الأجيال إلى بصماتنا الوراثية. وسيد هذه الأوبئة وباء الملاريا؛ الذي تسبب بثلاثة أمراض وراثية رئيسية تمس الدم و تضعفه مقابل جعله محصنا من الملاريا. أمراض الدم الوراثية الثلاثة هي فقر الدم المنجلي، انيميا البحر المتوسط (الثلاسيميا) و انيما الفول (نقص خميرة الجي سكس بي دي). كلمة انيميا هي مفردة ذات أصل لاتيني تعني "فقر الدم" أي أن جميع هذه الأمراض الثلاثة تشترك في صفة أو نتيجة رئيسية مشتركه هي نقص الدم دون المستوى الطبيعي له.

الانيميا المنجلية أو فقر الدم المنجلي هو بالإضافة لفقر الدم، تحور كريات الدم إلى شكل يشبه المنجل أو الهلال ومن هنا كانت التسمية. هذا التغير في الشكل يقضي على مرونة كريات الدم وبذلك يؤدي هذا المرض لعرقلة وصول الدم للأعضاء الحيوية إلى حد قد ينتج منه موت الخلايا والأنسجة. المرضى قد يقضون حتفهم بسبب التجلطات الدموية أوالسكتة الدماغية أوالذبحة الصدرية. ينتشر هذا المرض في شرق الجزيرة العربية وجنوب غربها وغيره، فثلاثين بالمائة من السعودين حامل لخصلة (جين) من هذا المرض أي أنهم ليسوا بالضرورة يعانون من مضاعفات المرض ولكنهم مورثوه لأبنائهم. الشخص يحتاج للخصلتين كي يكون مصابا ومعرضا لمضاعفات المرض وهذا ينطبق على حالة ما لا يقل عن أربعة بالمائة من سكان المملكة. كما يجب الأشارة إلى أن البحرين وحدها قد فقدت أكثر من ثلاثين شخص نتيجة هذا المرض في العام الماضي.

أما الثلاسميا فهي متمركزة في عمان والإمارات بجانب كثير من دول حوض المتوسط. فواحد من كل اثني عشر إماراتي حامل لخصلة من الجين المعطوب المسبب للمرض. هؤلاء المرضى بحاجة لجلسات نقل دم بشكل دوري (جلسة كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع) لتعويض عدم قدرة جسمهم وقصوره عن تصنيع كمية الدم الكافية للقيام بالوظائف العضوية الضرورية. أكثر من نصف الدماء المنقولة للمرضى بالإمارات تكون من نصيب هؤلاء المغلوب على أمرهم كما أن أي تساهل في التخلص من الحديد المتكسد نتيجة نقل الدم الدوري قد يفتك بحياة المريض.

أما نقص خميرة الجي سكس بي دي أو اختصارا أنيميا الفول فهي أكثر نقص خميرة انتشارا حول العالم بأجمعه. المصاب بهذا النقص يكون عرضة لتكسر حاد في كريات الدم نتيجة التعرض لعوامل مؤكسدة كالبقوليات والأدوية المضادة للملاريا ومواد كيميائية أخرى. الجزيرة العربية تحمل أعلى معدلات الاصابة بهذا المرض بجانب افريقيا وساحل المتوسط. التبعات الحتمية للتعرض لعوامل الأكسدة هي هبوط حاد في مستوى الدم قد يؤدي للهلاك أن لم يتم تدارك المريض وتعويضه بوحدات من الدم في أسرع وقت.

مراكز البحوث والإحصاءات تؤكد أن هؤلاء المرضى يتراوح عددهم بين المليون والنصف إلى مليونين و نصف أو أكثر في دول الجزيرة العربية دون حاملي خصلة هذه الأمراض. حلمي يكمن في مساواة هؤلاء بغيرهم من المكفوفين والمعاقين حلمي يتجاوز توفير علاجهم ويتعداه إلى عدم التقصير في جعلهم مواطنين أكفاء منتجين لا يختلفون عن غيرهم. حلمي قبل أن أموت يحتم أن نقضي على النظرة الدونية لهم وأن نلغي ظنوننا السيئة بهم وأن الا يُتهموا بالادمان والعبودية للنشوات، أن ينالوا حقهم في العلاج دون منة من أحد ودون أن يُقتص من كرامتهم شيئا دونما تسويف أو تأخير. حلمي أن يعامل حتى المسيئون منهم بما يتناسب مع أحتياجاتهم العلاجية فحاجتهم للدواء السم ما كانت لتكون لولا شدة مرضهم ونوباته. حلمي يتعدى ذلك حتى القضاء على المرض في الأجيال القادمة، ولا يستثني إلغاء فرصة موت إي أحد من المرضى. هؤلاء ليسوا فقط أبائنا وأبنائنا وأهلنا هؤلاء جزء منا لا يتجزء بل هم نحن أنفسنا وما كنا وسنكون، حلمي هو "جمعية وطنية لأمراض الدم الوراثية" نشطة وفعالة في كل حد من بلادنا جمعيات ذات حدود وآمال لا نهاية لها.

ليست هناك تعليقات: