ليس هناك شيئ لا يقبل ولا يمكن أن يطاق أكثر من عدم تقبل و إطاقة الأخرين.

قلسفتي في الحياة "أنا أهتم لذا أنا موجود". بالرغم من كل الآلآم التي تسببت لي بها وتعريضي للأيذاء أنا أؤمن أن يوما ما ستكون ركيزة سعادتي بل أساس وجودي في الحياة.

أهلا وسهلا

مرحبا يسعدني تواجدكم هنا أمل أن تنال المدونة أستحسانكم وإعجابكم وأرجو أن لا تحرمونا أرائكم وملاحظاتكم القيمة فلها كل إحترامي وتقديري وتأكدوا أن صداها في نصب عيني فلا تترددوا في الكتابة ولكم جزيل الشكر.

الأحد، 31 يوليو 2011

المواطنة بين سندان القبيلة ومطرقة الدين

للأسف تعاني مجتمعاتنا العربية والخليجية بالخصوص من أجحاف وفهم قاصر لمعنى المواطنة، كيف لا وهي محصورة في مساحة صغيرة من أولوياتنا وأهتماماتنا فلم يكن لها شيء من فخر القبيلة ولا قدسية الدين. فأبنائنا في البيوت والمجالس يجرعون القبلية والأفتخار بها حتى حد العنصرية وفي المساجد والمدارس يعبئون دينيا حتى حد التطرف فضاعت المواطنة بين سندان هذه و مطرقة تلك، ولم يبقى لها ألا زوايا ضيقة تخرج منها رأسها، وملؤها الحرج، في أيام معدودة على اليد الواحدة من سنتنا ذات الثلاث مائة وخمسة وستين يوما.

أن عدم وضوح معنى وأسس المواطنة لدينا أدى إلى أفساد كل ماهو حميد وطيب في مجتمعنا. فلو وعينا وطنيتنا وأعطيناها حقها غير منقوص لما برز بيننا عراك وحقد لتلك القبيلة أوغيرها ولعرفنا أن القبلية خارج خيمة وظل الوطن ليست إلا دعوة لجاهليتنا الأولى التي عدنا أليها بعدما أستنقذنا الأسلام منها. ولو كان للمواطنة نصف نصيب الدين من مناهجنا التعليمية لما خرجت منا فئة ضالة متلبسة باسم الدين تكفر من هب ودب ممن تجرئ على عدم الموافقة معه كما لا تنكفئ تتوعدنا بالويل وترهبنا و تروعنا وتدعونا للخروج على حكومتنا وقذف البلاد والوطن في غياهب نفق مظلم لا نهاية له.

أنحصر وعينا بالمواطنة في أفق ضيق فلم نعد نتذكر أننا سعوديون إلا حينما ننظر إلى أوراقنا ووثائقنا الرسمية أو فقط عند الحاجة لتيسير حياتنا والمساعدة على النهوض بأعبائها. جمعينا نتذكر حقوقنا على الوطن، في مناسبة أو غير مناسبة، ولكننا ننسى أو نتناسى حقوق الوطن علينا. وليس هناك خير برهان على ذلك من تسيبنا واستحقارنا لقواعد وقوانين المرور، فنحن دائما نضع اللوم في الحوادث المرورية وما يهدر فيها من أروح على عاتق الطرق والخدمات السيئة المتوفرة فيها، وأن كان هذا غير خاطئ لحد ما، إلا أننا أبدا لا نفكر بمراجعة أسلوب قيادتنا وتطويره لعدم وعينا بهذا الحس الفطري الأنساني. أن أحد أهم اسباب الحوادث في العالم وهو المشروبات الكحولية وتأثيرها مغيبان عندنا إلا أن ذلك لم يمنعنا من تبوء مرتبة من أعلى نسب الحوادث وضحايها بين الدول وأحد أهم العوامل المؤدية لذلك هو خلونا من هذا الحس الوطني الكافي لتجنب هذه الكوارث الوطنية.

ومما يؤكد على قصور فهمنا للمواطنة أيضا أختصارنا أياها في صور أوأعلام أوشعارات نرفعها على السيارات أو عند مداخل الموؤسسات الحكومية والعامة دون الألتزام بالأخلاق الوطنية العالية التي تدعونا أليه من التسامح وحسن الظن ومساعدة الغير وغير ذلك من بذل الغالي والنفيس في خدمة الوطن والأرتقاء به. أين الوطنية في وصولنا العمل متأخرين وأنسحابنا منه أسرع ما أمكننا، أو قضى وقت العمل في أي شئ غير العمل من تصفح أنترنت أو صحف أو تناول الشاي ونحن نتحدث في ما يعنينا وما لايعنينا. أين وطنيتنا في تجريمنا وتشكيكنا لولاء كل من أختلف معنا، لا لشيء ألا كونه لم يوافقنا، وسعينا الدائم لشق وحدة صفنا ودفعنا للأخوة نحو البغضاء والتناحر في مابينهم مسببين بذلك تسيبا أمنيا على جميع الأصعدة.

أن المواطنة ليست تشريفا فقط بل أيضا تكليفا لا يقل أهمية عن القبيلة والدين بل أنها ترتب و تقيم أعوجاجهما، أن حدث ذلك، فهي تؤكد على وحدة النسيج الوطني بما فيه من قبائل وأعراق ومذاهب وأديان مختلفة وتدعو إلى كل ما فيه صلاح ومنفعة للجميع وبدون الوطنية وأسسها الأنسانية لا يكمل أيماننا فقد روي في الأثر "حب الوطن من الأيمان" وأخيرا وليس أخرا نؤكد أنه من السخف الأفتخار بالأوطان فنحن نولد فيها دون أختيارنا ولكن أفتخارنا بالولاء لهذه الاوطان، ويكون بأختيارنا، هو أساس الوطنية وبذرة الأنسانية.

أبريل 2010

الأحد، 24 يوليو 2011

محنة أم منحة!

تحدث العلم كثيرا عن الصورة التى يراها الأنسان وأنها لا شئ سوى إنعكاس لما بداخله. هذه الفرضية أو النظرية تلقت الكثير من التأييد كما اصطدمت بكم ليس بقليل من الأعتراض؛ أستنجد المعارضون بالمادة ونظريتها وأعتقدوا بوجود المادة (الصورة في مثالنا) بمعزل عن الناظر فلو عدم المستقبل (الناظر) أو لم يوجد لما تغيرت الشجرة بأغصانها وأوراقها مثلا، أي أن الصورة هي كما هي حتى لو انتفى الناظر. فيما لجأ المؤيدون إلى النفس بعلمها وأمنوا بأن المادة ليست بمعزل عن المستقبل بل أن كينونتها قائمة بوجود الناظر ونظرته فلو كان هذا الناظرمبتلى بعمى الألوان لمارى الشجرة بألونها المعهوده أي أن المادة تأثرت بالمستقبل الناظر.

كل هذا تذكرته حينما حضرت حفل نادي الثقة للمعوقين بالشارقة في يومه الثالث والأخير في أخر يوم أحد قبل أجازة العيدين الأضحى والإتحاد. نظرت من حولي فرأيت جميع أنواع الإعاقات أو اللاحسنات تحيط بي من كل جانب، سمعية ، بصرية، حركية، ذهنية وغيرها مما لم أعي أو أتمعن فيه. معاقون ولكن جمعهم شيئ واحد أو بالأحرى أختاروا الأجتماع على ابتسامة واحدة فكيف كان ذلك. أنا واحد منهم ولكني أميرهم حيث أن إعاقتي لا ترقى إلى مستوى إعاقاتهم فمرضي الوراثي تسبب لي بحياة عصيبة أخرها كان تأكل عظام الحوضين فكنت خلال الخمس سنين الأخيرة أفقد حركة تلوى الأخرى ولكن بخلاف إعاقتهم المستديمة كان لي خيار إجراى عمليتين لزراعة حوضين اصطناعيين. خلال تلك الفترة أسودت الدنيا في وجهي فتحولت من ذلك الفتى السعيد والمتفأل إلى ذلك الجسد الهزيل الخالي من الروح المتشائم والناقم على كل ما حوله من عاقل وحتى جامد. لم يفلح العلاج معي بل كل ما فعله كان يمكن اختصاره في تخفيف تسارع تدهور حالتي، هذا التسارع الذي يمكن أن يعاز إلى تغير نفسيتي وحالتها. على الرغم من كل ذلك وسوئه لايمكن مقارتنه مع مالذا زملائي في النادي. فهذه الشاعرة لم تمنعها ساقاها الباليتين من تذوق الشعر بل وكتابته أيضا مرفقا بأبتسامة صادقة. وذلك المضطرب لم تمنعه علته عن ركوب المسرح وشكر القائمين على الحفل.

على الرغم من بساطة الحفل إلا إني تعلمت منه الكثير بل أني لم أستطع الخلود إلى النوم بسهولة لشكي ولأول مرة في صبري وقدرتي على التحمل أبان حقبة آلامي. تذكرت كلمة والدي العزيز ونصحيته في أن المحنة هي منحة كل ما عليك فعله هو النظر إليها بشكل مختلف متسم بالإصرار والرغبة بالحياة بحلوها ومرها؛ الآمر ليس أكثر من تغير ترتيب حرفين لتصبح المحنة منحة تستحق الشكر ومدعاة للتميز والابداع. فبذلك إنتهيت إلى قناعة شخصية كان متبلورة في فكري قبل أن أضيعها وأنساها أبان مرضي، نحن ذو الأحتياجات الخاصة ليس محتم علينا أن نكون معاوقين بل أنه أختيارنا بالمقام الأول والأخير، نعم نحن مختلفون ولكن نحن متميزون بل مبدعون أذا أردنا ذلك حقا، فنحن نخلق من المحنة منحة ومن الأعاقة أفاقة تجعلنا أقدر على موجهة التحديات والمصاعب من أخواننا الأصحاء. فنعم المادة من دون شك ليست بمعزل عن المستقبل وكينونته بل أنها قائمة بقيامه وأن كان تأثرها لا يمكن أن يرئ إلا من منظور هذا المستقبل دون غيره كل ما علينا هو التمعن لنعي ذلك.

ديسمبر 2009م

السبت، 23 يوليو 2011

من أنا من أنت؟؟!

من أنا سؤال ما ينفك يراودني بين فينة واخرى خصوصا بعد دخولي معترك الحياة الاكاديمية. ظننت لفترة غير قصيرة أن تعريف هويتي الشخصية والفردية سيكون القاعدة الاسمنتية التي ستبني الحياة لبناتها عليها. لكن أدركت مؤخرا أن هذه الهوية وأساس بناء حياتي لن يكون بمعزل عن التطوير والصيانة والتشذيب. كل يوم من حياتنا يمس شخصيتنا وهويتنا بشكل أو أخر وتضيف إليها ,والبيئة والظروف التي هي جزء من كل يوم لا تنكفئ تتغير و تتبدل مما يحتم علينا مراجعة أنفسنا واختيارتنا والمكون الأساسي لأدق تفاصيل حياتنا اليومية.

البقاء للأقدر على التكيف ليست مجرد المبدأ الداروني الثاني لتفسير أصل الأنواع وسبب تنوع الحياة, بل هي حقيقة قائمة تمس كل جانب من حياتنا بمافيها هوياتنا وكينوناتنا. هويتنا الفكرية ومواقفنا السياسية ليست بمنأ عن سنة الحياة هذه. ما يعتبر تطرفا في داهاليز اليوم كالعبودية كان وسطيا في عصور مضت والعكس صحيح بالنسبة لاحتكار الحق بالتصويت على الرجال مثلا. ليس الزمن هو المؤثر الوحيد على توجهاتنا وفكرنا فالمكان والبيئة التي من حولنا أيضا لها دور فالقصاص والحدود لطالما شكلت هاجسا لأديلوجيات وحكومات البلاد الأجنبية باعتبارها نوع من التطرف, وبالمقابل حرية الميول الجنسية تعتبر تطرفا انحلاليا في أوطاننا.

على الرغم من النسبية هذه إلا أنه لا غنى عن ركائز ثابة تكون منطلق هويتنا وأفكارنا. الانسانية هي أحد أهم مكونات وأسس هويتنا مهما بلغت أختلافتنا وتضاداتنا تبق إنسانيتنا جامعة لنا في أي زمان ومكان. والمفارقة العجيبة أنه حتى حقنا في الاختلاف يعد أحد المسلمات والمبادئ التي لايمكن للعقل والمنطق أن يساوم عليها. إذا كل من التكيف والتغيير والثوابت والركائز كلها مكملة لبعضها البعض والغصن الذي لا يميل للنسيم العليل تقتلعه العواصف العاتية.

هوياتنا بانواعها ترتكز على ثوابت ومبأدئ لا تمس نشئنا وتم تربيتنا عليها وتجارب حياتنا بحلوها ومرها تصقل هذا الهويات و تشذبها. تتأثر بالمكان والزمان وهي تحت النمو والأصلاح حتى اخر نبضة قلب ونفس في حياتنا. كل يوم هو تجربة وإضافة جديدة لمن نحن, تطورنا ووتجعلنا ليس فقط أشخاص أفضل ,أن أخترنا أن نتعلم من هذه التجارب الحياتية, بل تحولنا إلى أناس أقدر على الحياة تواقين لها وأكثر نضوجا لذا علينا أن نجعل كل لحظة تعد وهكذا تربط الحكمة بطول السن.

22 يوليو 2011م